نزف الـ ج ـرااح ., احس بشوفه الج ـنهـ ,.
عدد المشاركات : 352 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: يقتلني الهواء الثلاثاء مارس 10, 2009 10:32 pm | |
| وإذ تأخذه المدينة من يديه ، تسوقه كأعمي إلي الطرقات التي ظن أنه يعرفها ، تنتابه غشاوة الحنين إلي احساسٍ قديمٍ ناوش صدره ،
حين ظن أنه يمر في هذه الطرقات للمرة الألف ، ولكنه لا يعرفها ، عابرٌ إلي مدينةٍ أخري ،
ترسم لخطواته خطوطا كثيرة التعرج ، يخرج لرحابة العالم التي تضيق في صدره شيئا فشيئا ،
مستمرٌ إلي نهاية الحياة ، ينكفيء علي وجه الفراغ ، وتغمره الحياة بنهايتها السعيدة والحزينة سواء بسواء ،
يتسلل إليه الخوف كطفل يحبو ، والرحي تطحن ، والقدم توغل في الطين ، والرأس توغل في السحاب ، وجثته ملقاة علي سريرٍ خشبي لا يرحم ،
المدينة تسحبه من يده فيذكر حين سحب فتاته الصغيرة من يدها ،
يسحبها إلي النفق المظلم يطمئنها أن الضوء سيلوح مع نهايته الوشيكة ، تطمئن وتلتصق بكتفه ،
تعبره رائحة أنفاسها اللاهثة كأنه زجاج ، يستنشقها بهدوء ويعيدها للهواء بزفرةٍ آملةٍ في انتهاء النفق ،
ترمي ابتسامة لقطٍ نحيلٍ يفر من أسفل قدميها ، يجذبها لكتفه اكثر فأكثر ،
تساله بهدوء وعينين مغمضتين " أنت خائف؟" ، "جدا" يجيب ، ويلعق جرحه كقطٍ ينظف فروه ،
ينكمش في صدرها ، "اعتبريني عصفور" ،
ضحكت ، حين يتهدج صوته يعرف ان خوفه سيتمدد متجسداً في خنجر يغوص في الحشا ، أو في قبلةٍ عنيفة ، تتحسس جدران النفق ،
الصخر المبلل ، الماء الآسن ، الطحالب الخضراء ناعمة ، ناعمة جدا بشكلٍ مقزز ، تقشعر ،
تنتصب خلايا جلدها الصغيرة ، العفن يحيط بهما ،
تلصق رموش عينيها برموش عينيه دون أن تغمضهما ،
أنفاسها قريبة جداً ، "جائعة" تقول ، "أنا نسيت" يقول بعد دقائق ، "البقع العفنة تزداد" قال لها وهو يضغط علي كفها الصغير ،
أدرات وجهها وهمست " نرجع" ، قال "لا" بعنف ، "
سنكمل الطريق ونرحل إلي النهاية حتي لو كان علينا أن نحتمل عفونة العالم باسره" ، فهمست " أنت مجنون" ، الألم يزداد ،
الحانة والمنضدة التي صارت مع الوقت تعتاده ،
العبث ، العفن ،
يزيدان تقرحات معدته وهوسه بصوت تسريب الماء علي الصفيح المجوف ، إيقاع رتيب ، رتيب ، رتيب ، رتيب ، رتيب ، رتيب ،
جر قدميه جراً نحو النافذة المقفلة ، شرع مصراعيها وانتظر صوت ، أي صوت ،
صفير فار ضال ، نهنهة طير ، حفيف ورقة شجر ، أي صوت ، استجمع قواه وصرخ ،
استنشق جرعة زائدةٌ من الهواء ، لم يعرف ان الجرعات الزائدة تقتل حتي لو كانت من الهواء ،
تحشرج صدره ، شعر بأنه يسمع تخبط حويصلات رئتيه ببعضها وبذرات الدخان وبهواء الليل النقي كأنهار الجنة ،
سعل وسعل وسعل ، والمدينة تسوقه كأعمي ، " اعتبريني غبار" يقول لها في سيرورته ،
تسمعه وتبتسم "احذر من هواء المدينة في الليل سيبعثرك..تدثر جيدا ،
أقفل النافذة وحاول الا تقفز منها" ، أصابعه تداعب الجيتار الخرب ،
صوتُ يخرج منه كأنه عواء ،سرعان ما يتشكل هواء المدينة في عينيه ذئباً ، "أنا سريع التأثر والتعثر والتبعثر والاستسلام"
يقول مداعباً ولكن بدون ابتسامةٍ تفضح دعابته ، "اعرف" تقول متجهمة ، "ثم؟" تقول واجمةً ، "عدم" يقول ساهماً،
غضبت ، ارتعشت من الغضب، وريد عنقها كان يصرخ معها في وجهه "لا افهمك ، ماذا تريد؟ "،
يرتطم الصوت بالجدران ويرتد مكبوتاً باهتاً بلا روح ، "لا اعرف قِبلتي ، لا شيء ، غبارٌ فقط يمنع رؤيتي ،
أزيحه يتجمع ، أنحيه يغمرني ، سكمل ولكن لا اري " ،
براكين خامدة ، في الداخل فوران ، غليان ، غليان ، غليان ، في الخارج دخانٌ شحيح وهواء راكد ومياه آسنة وأنفاق بلا نهاية مظلمةٌ ككهوف ما قبل التاريخ ،
موسيقا ليلية عجوز ، واحزانٌ جافة وغريبة ، "من اين انت؟" ، "
من بلادٍ تحمل اسماءٍ غير معرفةٍ ، مدنها مطموسة اللافتات، صدأ، صدأ يعلو كل شيء ،
يصل للأرواح" ، الألغاز تزداد اتقانا مع مرور الوقت ، ومرور الوقت يزداد تيهاً داخل المسافات مع مرور الهواء
، ومرور الهواء تعيقه الحوائط والنوافذ المقفلة ، والخطوات تزداد تثاقلاً، والمدينة تسحبه من يده لمدينةٍ اخري
، "هل قابلت أحداً هناك؟، " قابلت وجهاً او اثنين لا اعرف علي وجه التحديد
، قابلت وجه التحديد" ، "هل تعد نفسك متسكعاً خلط بين الطرق فاختارت له الطرق تيهاً حزيناً وهواءاً راكداً وثقلاً في الروح؟
" ، "أعد نفسي غباراً ستبعثره الريح تواً أو بعد حين" ، "إلي أين" ، " إلي نهاية النفق" ،
للهواء رائحة الاختناق ، وللماء طعم الغرق،
ولها صكوك الغفران وقرابين الخضوع وخرائط روحي المطمورة وصوتي المشتت بين الجدران ودقات العقارب
ونقر الماء فوق الصفيح وبعثرة الريح لأوراق الذكريات ونهنهة الطير خارج نافذتي
وموسيقا الليل العجوز حين تمرض الجيتارات ،
وقلب الطفل النابض بحياةٍ ستنتهي قبل الولادة ، ومرور السحاب علي رأسي حادٌ كشفرة الموسي ،
وبياض الحليب ورقص لغواني في حانات الصمت صخب الشوارع حين تمطر السماء فجاة ،مقعدٌ حين يهدها التعب ،
سقفٌ حين يأتي الشتاء وصدري حين تحب أن تصطاف أو تجبر علي النفي
،سرابٌ كاذب ، خدعةٌ تلتف بإحكامٍ حول رقبته المنزوعة ، الروائح والأصوات والأنفاس والأزمنة تعبره كزجاج ،
"قلت لا تفتح النافذة" قالت بحزن ، "كنت أريد ان أسمع صوتاً ، أي صوت " ،
"قلت لك تدثر" قالت من خلال بعض الدمعات الهابطة بهدوء ، "كنت أحن للهواء " قال في سيرورته ولم تسمعه. | |
|
**ملك كل احسااااااااسي**
عدد المشاركات : 231 العمر : 38 الموقع : (لحن الحياه) المزاج : (كـــــــلي جــــــــــــــــــــروح) تاريخ التسجيل : 04/03/2009
| موضوع: رد: يقتلني الهواء الأربعاء مارس 11, 2009 11:46 am | |
| ************
(يسلمووووو ع الموضوع الجميل)
(لك مني كل حبي واحترامي )
*******ملك كل احساااااااااااااااااسي | |
|
نزف الـ ج ـرااح ., احس بشوفه الج ـنهـ ,.
عدد المشاركات : 352 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 03/03/2009
| موضوع: رد: يقتلني الهواء الأربعاء مارس 11, 2009 10:56 pm | |
| - **ملك كل احسااااااااسي** كتب:
************
(يسلمووووو ع الموضوع الجميل)
(لك مني كل حبي واحترامي )
*******ملك كل احساااااااااااااااااسي يسلموووووو ع المرور الاجمل الذي نال اعجابي دمتي يود | |
|
بنـ ابـ وكلي شموخ ـوي ـت
عدد المشاركات : 53 العمر : 26 تاريخ التسجيل : 18/03/2009
| موضوع: رد: يقتلني الهواء الأربعاء مارس 18, 2009 2:23 am | |
| الله يعطيك الف الف عافيه ع المواضيع هذه لا عدمناك | |
|